والكلام ذوق وهو يعبر عن شخصية المتكلم فكل إناء بما فيه ينضح وإن من أهم الأسباب التي تجعل الطرف الآخر ينفر من المتكلم والتي علينا أن نتجنبها ، هي المقاطعة وعدم سماع آراء الآخرين .. وهذا يدل على قلة الذوق وكذلك على عدم إعطائهم الفرصة ليعبروا عن وجهة نظرهم .. وكلما عرضوا فكرة فإنه يبين لهم إن هذه الفكرة خطأ وأن لديه فكرة أفضل منها فيوجد بذلك إحساساً لدى الطرف الآخر بأنه لايفهم...
ومن أداب الحوار كذلك حسن اختيار الألفاظ والعبارات عند الحديث مع الوالدين ..هذا وان كانا غير ملتزمين قال تعالى (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً) ونلحظ الأداب الجم لسيدنا إبراهيم عليه السلام وهو يدعو أباه للإسلام وما كان ليبدأ في حديث له إلا أن يضع لفظة(ياأبت) هذه اللفظة التي تقع على مسامعنا لترسم لنا عطفاً كبيراً لحنان هذه الكلمة الرقيقة .
واليوم نجد الكثير من الناس من يسرف في الكلام فيما يعنيه و فيما لايعنيه وهو يتكلم بألفاظ منافية للآداب يقولها وهو لايعلم هذه الكلمة كم وزنت في ميزان سيئاته قال تعالى ( إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ) .
فهذه من آفات اللسان التي هي من المهلكات التي تهلك صاحبها وهو لايلقي لما قال بالاً .. أو انه يستهين بالعقوبة التي توجبها هذه المعصية .. أو قد يسر في قوله كي لايسمعه أحد .. قال تعالى ( أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) .
ومنهم من يسرف في المزاح والذي يكون فيه كذب .. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصينا فيقول ( لاتكذب وان كنت مازحاً ) أو كما قال عليه الصلاة والسلام .
وان من كثرة الكلام كثرة اللغو والوقوع في الكثير من الذنوب والمعاصي والسخرية والاستهزاء بالآخرين .
فإن عبت قومــــــاً بالذي فيك مثلــــه
فكيف يعيب الناس من هو أعور
وان عبت قوماً بالذي ليس فيهم
فذلك عند الله والنـــــــاس أكبــــر
ومن أجل التوصل إلى فن الكلام وذوقيات الكلام مع الناس يجب الالتزام بعدة امور منها ، لاتقاطع من تتحدث معه ، اسمع آراء الأخرين ، أعط فرصة ليعبروا عن وجهة نظرهم وأعط أهمية للمقابل بالإنصات لحديثه والتفاعل معه ، دع لسانك دائماً طاهراً لاينطق بالإساءة وان كنت مازحاً ، لاتؤذي شعور الآخرين أياً كان الفعل ، وقد كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إذا أنكر فعلاً من إنسان لم يصرح باسمه ، بل كان يقول ( مابال أقوام يفعلون كذا وكذا ) وهذا من قمة الذوق
ومن الذوق الصمت ، فإن كان الكلام أحياناً خيراً فإن الصمت يكون في أحايين أخرى هو الأفضل .. يقول نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم ) : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت